ونقضي ثلاث سنوات هي تفكر في الأولاد وأنا أفكر في المشرط، في المقص، في المقابض، فأحن إلى طقوس العمل... فتدعوني طقوسه إلى حجرة بيضاء تختلط فيها أنفاسي برائحة الكحول والمورفين، وتضج فيها أسماعي بصرير الآلات المتأهبة للانقضاض، وتتخدر فيها أعيني بتأمل الجسد المخدر.
ينفلت
المقص من يدي فأرى في سقوطه نذير شؤم، وأفكر أنه إذا لم يسقط شيء آخر فإن المخدرة
لن تفتح عينيها، فأسقط المشرط عمدا.
وتفتح
عينيها وتراني أنظر إليها؛ أنظر إلى الضمادات التي تلتف كأذرع الأخطبوط حول
الردفين فأحس بشفقة عليها، لكن بعد فوات الأوان.
أحملها
إلى البيت، فيستقبلني كلبها الذي ظل يكرهني بنباحه العدائي المعتاد... وبعد شهر
أراها تقف أمام المرآة ملتفة حول جسدها مثل فينوس تتأمل ردفيها اللذين أرى في
رشاقتهما دعوة للسفر في مفرقهما... فأسافر في متاهات الجسد الذي يهفو للسفر.
أسافر متحسسا، متلمسا جسدها الدافئ، وحين أمر بيدي على ساقيها أرى في نحافتهما
المفرطة دعوة لمشرطي ونداء للسليكون.