دمية السليكون، المشهد الرابع


ونقضي عشر سنوات هي تفكر في مستقبل الأبناء وأنا أفكر في المشرط، في الملاقط، في السيلكون، فأحن إلى طقوس العمل... فتدعوني طقوسه إلى حجرة بيضاء تختلط فيها أنفاسي برائحة الكحول والمورفين، وتضج فيها أسماعي بصرير الآلات المتأهبة للانقضاض، وتتخدر فيها أعيني بتأمل الجسد المخدر.
أحمل المشرط بيدي اليسرى، فأرى في ذلك نذير شؤم، وأفكر أني إذا لم أحمله باليمنى فإن المخدرة لن تفتح عينيها، فأعيده إلى مكانه وأحمله مرة أخرى بيدي اليمني.
وتفتح عينيها وتراني أنظر إليها؛ أنظر إلى الضمادات التي تلتف كثعابين حول الساقين، فأحس بشفقة عليها، لكن بعد فوات الأوان.
   أحملها إلى البيت، فيستقبلني كلبها الذي ظل يكرهني بنباحه  العدائي المعتاد... وبعد شهر أراها تجلس أمام المرآة طاوية ركبتيها مثل حورية تتأمل ساقيها اللذين أرى في رشاقتهما دعوة للسفر في مفرقهما... فأسافر في متاهات الجسد الذي يهفو للسفر. أسافر متحسسا، متلمسا جسدها الدافئ، وحين أنظر إلى وجهها أرى التجاعيد قد بدأت تزحف عليه، أنظر إلى عينيها فأرى في لونهما البني عبء السنين... أدرك أن أيقونتي الآدمية في طريقها إلى الترهل، فأرى في هذا الترهل دعوة لمشرطي ونداء للخيوط والإبر.