دمية السليكون


من نافذة الزنزانة أنظر إلى السماء، تدعوني زرقتها إلى معانقة الحرية فأعانقها تحت سماء صيف ولى، حيث أقدامي كانت تحترق برمال شاطئ شهد لقاءنا الأول، أسير جنبها وسط دوائر وهمية يرسمها، بركضه وطوافه حولنا، جروها الذي يحرسها بنباحه علي كلما لامس جسدي جسدها... أنظر إلى عينيها فأرى المياه الزرقاء في لونهما البني تتماوج.. أنظر إلى شعرها فأراه امتدادا للون الرمال الذهبية.. أنظر إلى نهديها فأرى في صغرهما دعوة لمشرطي ونداء للسليكون.
ونقضي سنة معا؛ هي تفكر في الخطوبة، في الزواج، وأنا أفكر في المشرط، في الحقن، في السليكون، فأحن إلى طقوس العمل... فتدعوني طقوسه إلى حجرة بيضاء تختلط فيها أنفاسي برائحة الكحول والمورفين، وتضج فيها أسماعي بصرير الآلات المتأهبة للانقضاض، وتتخدر فيها أعيني بتأمل الجسد المخدر.
أسوي الجسد فوق المحفة، وآمر المشرط والحقن وباقي الآلات ببدء العمل فتتكالب شفرته وشوكاتها وأسنتها على النهود النائمة بالوخز والتشريح والرتق.
   أرمق عبر النافذة طائرا يخترق السماء فأرى فيه نذير شؤم، وأفكر أني إذا لم أر طائرا آخر فإن المخدرة لن تفتح عينيها، فأظل أحملق في النافذة إلى أن يخترق السماء أحد الطيور.
وتفتح عينيها وتراني أنظر إليها؛ أنظر إلى الضمادات التي تلتف كأفاع حول النهدين، فأحس بشفقة عليها، لكن بعد فوات الأوان.
أحملها إلى البيت، فيستقبلني كلبها الذي ظل يكرهني بنباحه العدائي المعتاد... وبعد شهر أراها تقف أمام المرآة رافعة يديها مثل عشتار تتأمل نهديها اللذين أرى في انتفاخهما الجميل دعوة للسفر في مفرقهما... فأسافر في متاهات الجسد الذي يهفو للسفر. أسافر متحسسا، متلمسا جسدها الدافئ، وحين أمر بين فخذيها أرى في انتفاخهما المفرط دعوة لمشرطي ورغبة في شفط الدهون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق