همس، المشهد الثالث

هبت ريح خفيفة من النافذة المفتوحة، فتماوج ثوب فستانها الهفهاف، واحتك ببعض أعضائها محدثا رعشة سرت عبر كامل بدنها.
حاولت أن تتمالك نفسها إزاء هذه الرعشة التي أفرزتها غريزتها الأنثوية، لكن محاولتها هذه، صادفت اقتراب "دوكي" منها الذي سرعان ما شرع يحتك بها مداعبا إياها، فتضامن زغبه الناعم مع نعومة ثوبها الهفهاف، وهيجا من جديد، ودون قصد ربما، تلك الرعشة التي أرادت إخمادها.
"الزم مكانك دوكي"، قالت بلهجة آمرة. أصدر "دوكي" أنينا خافتا، ربما كان تعبيرا عن الاحتجاج، لكنه رضخ للأمر، وتراجع للخلف ثم دار حول نفسه، وعاد إلى مكانه.
   لاحظت سعاد أن لطخا قليلة من الغبار لما تزل عالقة بالمرآة فأخذت منديلا وشرعت تمرره عليها إلى أن اختفت اللطخ والمرآة معا، ولم يعد هناك سوى غرفة مضاعفة بكاملها، بأيقوناتها، بأرائكها، بنوافذها، بساعتها الحائطية، و... و... و... وبكلبها وكذلك ب "سعاد"ها.
أتاحت لها شفافية ثوب فستانها، إمكانية رؤية جسدها المنعكس على المرآة كما لو كان عاريا، فراحت تتأمل تعاريج بطنها وثنايا إبطيها وتبانها ورافعة ثدييها، وبعد برهة أحست بأن انفصالا ما أو شرخا قد شطرها إلى نصفين، فتركز جسدها هناك داخل المرآة، ووعيها هنا خارجها، ثم خالت بصرها كأنما هو بصر كائن آخر يشتهي ذلك الجسد المنعكس هناك.
رفعت يدها اليمني بحركة لا شعورية، ثم وضعتها على زجاج المرآة، فانطبقت اليد مع انعكاسها وشرعتا معا تسبحان في ذلك الفضاء المزدوج، بينما كانت يدها اليسرى تارة تتحسس نهديها وتارة أخرى تنساب عبر تعاريج جسدها، وثنايا إبطيها و... و... و...
 فجأة انتشلتها من هذه الاستهامات نحنحة "دوكي"، التفتت تجاهه، فرأت عينيه تتفحصان جسدها. انتابها شيء من الحرج، وطفق العرق ينساب من جبينها، وأحست بقلبها وكأنه يكاد يقفز من صدرها.
   حاولت أن تتمالك نفسها، دون أن تزيح بصرها عن عينيه اللتين كانتا يشع منهما في هذه اللحظة بريق غامض وساحر. أدركت بأنها لا تستطيع مقاومة سحرهما المغناطيسي، وأن شيئا ما بداخلها قد انهد وهوى بكامله. ابتلعت ريقها ثم هجست لنفسها وهي ترنو إلى ذلك البريق "عينا إنسان".
التفتت تجاه الساعة الحائطية، حملقت في عقاربها قليلا، ثم أخذت وجبينها ينضح بالعرق تقترب بخطى بطيئة من الكلب وهي تفكر: "لا تزال ساعتان قبل حلول المساء".