دوكي وروز، المشهد الرابع

أقفلت "روز" راكضة باتجاه المقعد الإسمنتي، يتبعها "دوكي" منتشيا مرحا يسيل لعابه شبقا. حرضت دعابات الكلبين خيالي الشاب والفتاة في آن معا، وفي الحال وعلى نحو مباغث لخيالها ألفت نفسها متأبطة ذراع ذلك الشخص المجهول الذي يقاسمها المقعد، يغادران الحديقة مخلفين وراءهما الشجرة الهرمة والمقعد والكلبين.. عبرا الشارع ودخلا أحد الأزقة.. حوار إيروسي.. منعطف بعد منعطف.. عناق حار.. درب بعد درب.. قبلة هنا وقبلة هناك.. قفزات على درجات البيت.. طقطقة قفل الباب وهو ينفتح، وطقطقة أخرى وهو ينغلق، وأمام غرفة النوم قالت لعشيقها: "اتبعني".. وتبع "دوكي" "روز"اه راكضا بقوائمها الأربع الرشيقة.. حينها أخذت شجيرات الحديقة تنمو داخل ذهنه إلى أن صارت دغلا.. غابة لامتناهية الأشجار، وعبر الممرات المتعرجة بين صفوف الأشجار الكثيفة أخذ يسير معانقا فتاته التي غزت كامل حواسه بفعل تأثير جسدها البض وعطرها الفائح، بين فينة وأخرى تنير وجهيهما أشعة الشمس المتسللة من بين أغصان الأشجار.
أعادها إلى واقعها شعاع ألهب عينيها، فضيقت جفنيها وهي تفكر في المتناقضات التي تعتمل بداخلها.. اختلست نظرة جانبية تجاهه وفي ذهنا انبثقت أسئلة عديدة:"لماذا أتركه هنا جسدا حقيقيا وأحمله إلى غرفتي خيالا هلاميا لماذا؟" هو أيضا أخذ يتساءل ويتساءل ناقما على جموح خياله ومحتقرا ذاته الجامدة المسمرة في مكانها كأنها هي أيضا قطعة من هذا المقعد الإسمنتي الأصم.
انتبهت إلى ابتعاد كلبها، فنادت: "دوكي ارجع، لا تبتعد".. ولم يبتعد، بل اقترب منها أكثر في أكثر الأماكن سرية بين أشجار الغابة.. اقترب منها ثم طوق عنقها بيديه وضمها إلى صدره.. وأقفلت هي باب غرفة النوم وعندما توسط الغرفة قالت بجرأة: "قبل عنقي"، وبقائمتيه الأماميتين ارتمى "دوكي" يداعب عنق "روز".. حروف اسميهما أخذت تنطبع على كل جذوع أشجار الغابة، وعلى حافة سرير نومها بالغرفة.. وإيروس كان حاضرا هنا وهناك.