أعلنت الساعة عن الواحدة برنة حادة متبوعة بصمت وترقب،
وكانت هي ممددة على السرير، تارة تتأمل كلبها دوكي، وتارة أخرى تنظر إلي وأنا أصيخ السمع إلى هزيم
الرعد وإلى نقرات المطر الذي يتناثر رذاذا على زجاج النافذة، وكأن شيئا خفيا هناك خارج
البيت يسخر هذه الظواهر الطبيعية كي تفتح له النافذة، بينما أعيني مشدوهة، مرعوبة،
مسمرة على جسدها الذاوي وعلى وجهها المصفر المعلن عن لحظة احتضار... ذكرني
احتضارها باحتضاره حين أعلنت الساعة عن الثانية برنتين حادتين متبوعتين بصمت
وترقب، وكان هو ممددا على السرير تارة يتأمل كلبه "دوكي" وتارة أخرى ينظر إلى ابنته "ديانا" وطورا ينظر إلي وأنا أصيخ السمع إلى هزيم الرعد
وحفيف الريح وهي تسوط زجاج النافذة، وكأن شيئا خفيا هناك خارج البيت يسخر هذه
الظواهر الطبيعية كي تفتح له النافذة، بينما أعيني مشدوهة، مرعوبة، مسمرة على جسده
الذاوي وعلى وجهه المصفر المعلن عن لحظة احتضار رجل... رجل لا شك أنه كان يستعيد
مراحل حياة كاملة أفناها في السفر عبر القارات مطاردا كلابا برية كلما تساقط منها
قطيع بطلقات بندقيته سلخ جلودها وعرض فروها للبيع... حدست هذا وأنا أرى احتقاره
للموت من خلال ابتسامة ظفر.. ابتسامة ظفر انتزعها من بين شفتيه الذابلتين وهو يرى
يدي تتسلم من يده وصيته بنفس الاطمئنان الذي تسلمت به الآن يدي من يدها وصيتها
وأنا أراها تنتزع من بين شفتيها الذابلتين ابتسامة ظفر.. ابتسامة ظفر تعلن في
خيلاء عن احتقار للموت، مما جعلني أحدس أنها تستعيد مراحل حياة كاملة أفنتها في
السفر عبر القارات مطاردة رجلا.. مطاردة أباها الذي انطلق من ثلوج أوروبا وانتهى
بصحراء المغرب في سعيه الحثيث وراء كلاب برية كلما محقت إحدى رصاصاته واحدا منها
تمنت هي أن تستقر الرصاصة التالية في رأسه هو كي ترث الثروة التي أفنى عمره في سبيل
جمعها عبر المتاجرة في فراء الكلاب البرية.. الكلاب البرية التي تساقط العديد منها
تباعا أمام عينيها.. الكلاب البرية التي كلما تساقط منها فرد أمام عينيها تأججت
رغبتها في موت أبيها سريعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق